الطاقة: الطاقة النووية في ذروة شعبيتها
Par Mohamed Farouqi
Posté le: 22/09/2024 19:21
كان لأزمة الطاقة العالمية، التي تفاقمت بسبب التوترات الجيوسياسية الأخيرة، تأثير عميق على أسواق الطاقة وسياساتها في جميع أنحاء العالم. فقد دفع تقلب أسعار المواد الهيدروكربونية، إلى جانب المخاوف المتزايدة بشأن أمن الطاقة، العديد من البلدان إلى إعادة النظر في مزيج الطاقة لديها. وإزاء هذه الخلفية المضطربة، عاد مصدر طاقة مثير للجدل منذ فترة طويلة إلى الظهور كحل محتمل: الطاقة النووية. وفي الوقت الذي تسعى فيه الدول جاهدة للتوفيق بين احتياجاتها من
الطاقة والتزاماتها المناخية، تبرز الذرة كحليف غير متوقع في سعيها لتحقيق الحياد الكربوني.
تجدد الاهتمام الدولي
استضافت باريس مؤخراً مؤتمراً حاسماً جمع حوالي 15 دولة مؤيدة للطاقة النووية تحت رعاية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وقد شكل هذا الاجتماع، الذي أطلق عليه اسم ”خارطة الطريق النووية الجديدة“، نقطة تحول في نظرة العالم للطاقة الذرية. فقد أبدت دول متنوعة مثل الولايات المتحدة واليابان وفرنسا والسويد وبولندا التزامها المشترك بإحياء قوي للقطاع النووي.
وقد حدد ويليام ماغوود، مدير وكالة الطاقة النووية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، النغمة عندما قال: ”لقد حان وقت العمل الآن. وهذا البيان بمثابة دعوة لتعبئة الموارد والإرادة السياسية اللازمة للتغلب على التحديات الملازمة لهذه النهضة النووية. وركزت المناقشات على ثلاثة مجالات استراتيجية: تعزيز سلاسل التوريد، وتدريب القوى العاملة ذات المهارات العالية، ووضع آليات تمويل مبتكرة.
تحديات الطموح العملاق
إن الهدف الذي حددته وكالة الطاقة النووية هدف طموح، وأقل ما يقال عنه أنه طموح: زيادة القدرة النووية في العالم ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050. ويعتبر هذا التوسع الهائل ضرورياً لتحقيق أهداف الحياد الكربوني التي حددها المجتمع الدولي. ومع ذلك، فإن الطريق إلى هذا المستقبل النووي مليء بالعثرات.
فقد شهد عام 2023 انخفاضًا صافيًا في القدرة النووية العالمية، حيث لم يبدأ تشغيل سوى خمسة مفاعلات جديدة بقدرة إجمالية تبلغ 5 جيجاوات، بينما تم إغلاق خمس وحدات أخرى. ويؤكد مايكلي شنايدر، الخبير الشهير في هذا المجال، على حجم هذا التحدي: ”لمجرد الحفاظ على القدرة الحالية، سنحتاج إلى تشغيل 10 مفاعلات سنوياً“.
يسلط هذا الواقع الضوء على الفجوة الكبيرة بين الطموحات المعلنة والوضع الحالي للصناعة.
رهان على مستقبل الطاقة
تمثل النهضة النووية مقامرة جريئة على مستقبل الطاقة على كوكب الأرض. فبعد أن تم إبعادها إلى الخلفية في أعقاب كارثة فوكوشيما في عام 2011، عادت الذرة إلى دائرة الضوء كخيار جاد للاقتصادات التي تتخلص من الكربون بسرعة. ويقترن هذا الانبعاث من جديد بدراسة متعمقة لكيفية التغلب على العقبات التقنية والمالية والمجتمعية التي أعاقت تطورها في السنوات الأخيرة.